إذ جلس الملك داكيوس (ديسيوس)على العرش أثار الاضطهاد بعنف في أنحاء المملكة، ففي مدينة لامبساكوس بآسيا الصغرى أمسك الوثنيون شابًا مسيحيًا يُدعى بطرس قدموه إلى الوالي الذي قام بتعذيبه في دولاب به أسنان حديدية حتى يتهرأ جسده، أما فهو فكان يشكر الله وسط الآلام حتى مدحه الوثنيون أنفسهم، فأمر الوالي بقطع رقبته. قٌدم لنفس الوالي ثلاثة من المسيحيين هم أندراوس وبولس ونيكوخاموس، وإذ سألهم عن إيمانهم اعترف الثلاثة بالإيمان، غير أن الثالث تكلم معه بعنف وشدة أنه مسيحي، ويبدو أنه كان معتدًا بذاته متشامخًا. وإذ رأى فيه الوالي عنفه أمر بتعذيبه أولاً أمام زميليه. فلما وُضع في الدولاب وبدأ جسمه يتهرأ لم يحتمل فصرخ أنه يجحد المسيح، فأنزلوه فصار يصرخ بعنف حتى مات فاقدًا حياته الزمنية والأبدية. رأت ديونيسيا، وهي فتاة مسيحية في السادسة عشر من عمرها ما فعله هذا البائس، فصرخت بصوت حزين: "يا لك من شقي، ألقيت نفسك في عذابات أبدية خوفًا من العذاب الزمني"! سمع الوالي فاستدعاها، وإذ سألها عن إيمانها أجابت أنها مسيحية، فصار يهددها بحرقها بالنار، فأعلنت شوقها أن تُقدم محرقة حب لله. عرف أن سَر قوتها يكمن في نقاوة نفسها وجسدها فسلمها لشابين يفسدان عفتها، أما هي فقالت له: "اعلم أن الإله الذي أعبده أعظم منك وأقدر منك، يستطيع أن يخلصني ممن يريدون أن يفعلوا بي شرًا". إذ أخذها الشابان إلى منزلهما وحاولا إفساد عفتها قاومتهما بقوة، وإذ صارا يصارعان معها ظهر ملاك الرب بنور عظيم فارتعبا، وجثوا عند قدميها يطلبان الصلاة عنهما، عندئذ أجابتهما أن هذا الملاك هو حارس لعفتها. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). أُرسل أندراوس وبولس إلى السجن وهما حزينان على هلاك زميلهما نيكوخاموس، وفي الغد استدعاهما الوالي وهددهما أن يفعل بهما ما فعله بزميلهما فلم يخنعا، بل تحدثا معه بشجاعة. ضُرب القديسان بالسياط، وربطت أرجلهما بحبال، وكان الوثنيون يجروهما إلى خارج المدينة لرجمهما. عرفت ديونيسيا بذلك فأسرعت إليهما وجثت عند أقدامهما غير مبالية بالحجارة المنهارة عليهما، فدهش الراجمون من شجاعتها وأبلغوا الوالي الذي أمر بقطع رأسها، فتهللت عند سماعها الخبر كمن هي متهللة بيوم عرسها. فقدمت هامتها للجلاد بفرح ليضربها بالسيف لتنال إكليل الاستشهاد.