في عهد الإمبراطور دقلديانوس وشريكه مكسيميانوس، حوالي سنة 304م، استشهد القديسون أندرونيقوس وبروبس وتاراخوس في بمبوبوليس Ponpeiopolis من أعمال كيليكية، وقد تعرضوا مع جماعة من الشهداء لعذابات كثيرة. جاء في أعمال شهادتهم انهم قدموا لينومريان مكسيموس والي كيليكية، وبناء على أمره اقتيدوا إلى طرسوس العاصمة. هناك قدمهم ديمتريوس قائد المائة للوالي مكسيموس حيث ثم الحوار التالي مع تاراخوس:
ما اسمك؟ أنا مسيحي. أخبرني باسمك لا بشرك. أنا مسيحي. اضربه على فمه ومُرْه ألا ينطق بغير ما يُطلب منه. لقد قلت لك اسمي الحقيقي، وإن أردت أن تعرف الاسم الذي أعطاني إياه والدي فهو تاراخوس، وعند دخولي الجيش دُعيت فيكتور. ما هو عملك؟ وما هي بلدك؟ أنا من عائلة رومانية، وُلدت في كلوديبوليس في آشور. كنت جنديًا، وتركت الجندية بسبب ديانتي.(كان بعض المسيحيين يتركون الجيش الروماني لأنهم كانوا يُلزمون بتقديم القرابين للأصنام قبل الحرب وبعده، وأحيانًا يُطردون منه بسبب ديانتهم). شرك لم يؤهلك للجندية، ولكن كيف تركتها؟ سألت ذلك من القائد بابليوس، وقد سمح لي بذلك. ارحم شيبتك، وأنا أكافئك إن أطعت أوامر سادتنا. قدم ذبيحة للآلهة، كما يفعل الأباطرة سادة العالم، وكن صديقًا لهم. هم مخدوعون بالشيطان في هذا الأمر. اكسِر فكيه إذ يقول بأن الأباطرة مخدوعون. إنني أكرر ذلك، فهم كبشر قد خُدعوا. ضحً للآلهة، واترك هذه الخرافات. لن أستطيع جحد شريعة الله. أيها البائس، هل توجد شريعة غير التي نحن نطيعها؟ نعم توجد، هذه التي تعصونها بتعبدكم للأصنام والحجارة التي هي من عمل أيديكم. اضربه على فمه وقل له أن يكف عن غباوته. ما تدعوه غباوة هو خلاص نفسي، الذي لن أتركه. سأجعلك تتركه، وألزمك بالحكمة. افعل بجسدي ما شئت فهو في سلطانك. اجلده واضربه بالعصي.
وإذ صار تاراخوس يضرب قال: "الآن تجعلني أكثر حكمة. بضربتك أزداد قوة، وتنمو ثقتي في اللَّه وفي يسوع المسيح". أيها البائس كيف تنكر تعدد الآلهة، وها أنت باعترافك تخدم إلهين؟ ألا تعطي اسم "الله" لشخص المسيح؟ نعم إنه ابن الله الحًي، رجاء كل المسيحيين، وعلة الخلاص لذا يتألمون لأجله، وهو واحد مع الأب. كف عن هذا الكلام الباطل، وقدم تقدمة! لست أنطق بكلام باطل، إنني قد بلغت الخامسة والستين من عمري، هذا ما قد اقتنيته، لن أترك الحق. هنا تدخل ديمتريوس قائد المائة، وصار ينصحه أن يضحي للأوثان وينقذ حياته، لكن تاراخوس رفض نصيحته.
أمر الوالي بأن يقيد بالسلاسل ويلقى في السجن، وأن يقدم له الثاني، ليدخل معه في الحوار التالي:
ما اسمك؟ اسمي الرئيسي والمكرم جدًا "مسيحي"، أما الاسم الذي لي في هذا العالم فهو بروباس. ما هي بلدك؟ وأين مولدك؟ والدي من تراسيا، أما أنا فشخص عامي، ولدت في صيدا Sida التي ببامفيليا، أعترف بالمسيحية. ضَح للآلهة واكسب صداقتي. لا أطلب شيئًا من هذا، فقد كنت قبلاً ثريًا جدًا، وقدمت غناي لخدمة الله الحَي. اضربه واجلده. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ). عندئذ يقول قائد المائة للوالي: "استرح فإنك سترى دمه يجري كالنهر". افعل ما شئت بجسدي، فإن عذاباتك هي عذبة بالنسبة لي. غباوتك هكذا لا تحتمل أيها الغبي. إنني أحكم منك، إذ تعبد الشياطين. اقلبه، واضربه على بطنه. أيها الرب اسند عبدك! اسأله مع كل ضربة أين هو منقذه! إنه يسندني، وسيسندني، فإنني لا أبالي بعذاباتك ولا اسمع لك. أنظر أيها الغبي إلى جسدك الممزق فقد امتلأت الأرض بدمك. كلما تألم جسدي من أجل المسيح ازدادت نفسي قوة. أمر مكسيموس بربطه في الدسق (خشبتان فيهما خروق يُقمط بهما على ساقي المذنبين)، واستدعاء الثالث، الذي قال إن اسمه أندرونيقوس، وإنه كان شريفًا من أشراف أفسس. هذا أيضًا رفض التضحية للأوثان بالرغم من تهديده بالموت العنيف.
تدخل أحد رجال الوالي، يُدعى أثناسيوس، لينصحه كأب أن يعتق نفسه من العذابات المعدة له، أما هو رفض أن يجحد مسيحه، معلنًا قبوله الآلام الجسدية برضى من أجل إيمانه. وبالفعل سقط تحت عذابات كثيرة حتى مُزق جسده، ووضع ملح على جراحاته وأخيرًا ربط عنقه وقدميه بسلاسل حديدية وأُلقى في السجن. هذه هي المحاكمة الأولى، أما الثانية فتمت في بلاد ما بين النهرين (الميصة)، أمام نفس الوالي وفي حضرة ذات قائد المائة، وقد دخل معهم في حوار طويل سُجل في أعمال شهادتهم، يشبه الحوار السابق، وإنما ما استرعى انتباه الوالي أن جراحات الرجال قد شٌفيت، وإذ سأل الحراس عن سبب شفائهم أقسموا بحياته أنه لم يدخل أحد إليهم ليضمد جراحاتهم. أما أندرونيقوس فأعلن للوالي: "أيها الغبي، الطبيب مخلصنا قوي،يشفي الذين يعبدون الرب ويترجونه بكلمته دون أدوية. إنه يقطن في السماء، وحاضر في كل مكان، أما أنت فلا تعرفه". تعرض الرجال لعذابات كثيرة وأُلقوا في السجن ليحاكموا للمرة الثالثة في Anazarbus حيث صدر الحكم بإلقائهم للوحوش المفترسة، في اليوم التالي في عرض شعبي عام، في مسرح يبعد حوالي ميلاً من المدينة. إذ اجتمعت الجماهير تتطلع إلى هذا المنظر الوحشي، وفتحت أبواب الحيوانات المفترسة انطلقت جميعها إلى الرجال الثلاثة لتستأنس بهم وتلحس جراحاتهم، وكأنها تعلن أنها أكثر حكمة وعاطفة من الإنسان الجاحد المقاوم للحق. في الحال ثار الوالي جدًا، ونادى الحراس وأمر بضرب الرجال بسيوفهم، كما طلب حراسة أجسادهم طوال الليل حتى لا يحملها المسيحيون. لكن الله أعلن خلال الطبيعة اهتمامه بهم، فحدث رعد شديد وأمطار مع عواصف، فاضطر الحراس إلى ترك الموقع وسط الظلام الكثيف ليأتي بعض المسيحيين الذين قادهم شعاع نور عجيب حتى حملوا الأجساد ودفنوا في مغارة بأحد الجبال المجاورة. بركة صلواتهم تكون معنا آمين.