حالة غريبة من الفوضى تشهدها السرايا الصفراء الآن .. المشهد من الداخل ينذر بكارثة فعلى ما يبدو أن مستشفى العباسية قد سقطت من ذاكرة وزارة الصحة لدرجة أنها تحولت إلى واحدة من أهم بؤر الفساد والإهمال فى مصر .
كتب : محمد شعبان
تصوير : محمد لطفى
. فى هذا المكان الحياة لم تتغير والعصر أيضا لم يختلف فلم تصل الثورة للمستشفى بعد وقد تأكد لنا ذلك من خلال زيارتنا للمكان ..
فى طرقات المستشفى تنتشر الحفر وأكوام الزبالة والزجاج المكسور كما يبدو من جدارن المستشفى وحوائطها أن المجارى قد طفحت فتآكلت هذه الجدران .. وأدى الإهمال والتسيب إلى اندلاع حريق هائل فى عنبر الرجال مما أدى إلى هروب ثلاثة من المرضى النفسيين وما حدث أن أحد المرضى قام باشعال النيران فى السرير الذى ينام عليه وفى ظل عدم وجود رقابة فقد انتشرت النيران وأكلت طابقا بأكلمه فى المبنى.. أيضا تشهد العباسية حالة من التراجع على مستوى الخدمات الطبية المقدمة بها.
هذه الحالة التى تشهدها المستشفى ناتجة عن وجود صراع وعناد بين أطباء المستشفى وعامليها وبين المديرة الدكتورة منال العطار حيث انقسمت العباسية إلى معسكرين وضاع المرضى فى المنتصف ..
توجهنا للدكتورة منال العطار لنسألها عن كل هذا الاهمال فرفضت الحديث تماماً وقالت: أنا لن أدافع عن نفسى ولن أتكلم عن هذه المهاترات.. وإذا كان العاملون يتهموننى بالتعسف فعليهم أن يقدموا ما يثبت هذا الكلام.
تفاصيل الأزمة يرويها لنا نادر عبد العزيز، مدير عام العلاقات العامة ونقيب العاملين بالمستشفى حيث يقول: الدكتورة منال العطار تمارس ضد جميع العاملين بالمستشفى سياسة التعالى والغطرسة ولا تريد أبدا أن تجلس معنا فى حوار هادىء لحل الأزمة وتتعامل بتعسف مع كل مطالبا ولذلك نظمنا على مدار الشهور الماضية العديد من الوقفات الاحتجاجية وناشدنا وزارة الصحة والأمانة العامة للصحة النفسية لإقالتها واختيار مدير جديد يكون متفاهم ، والدكتورة منال العطار أهملت المستشفى تماما خصوصا فيما يتعلق بالصيانة ورغم توافر كل الإمكانيات المالية إلا أنها تصر على تجاهل ما وصلت إليه المستشفى من تردى فى جميع الأوضاع لدرجة أن بالوعات الصرف الصحى مفتوحة وهناك العديد من الحفر العميقة التى تملأ فناء المستشفى مما يشكل خطرا على المرضى كما أن المرافق ليست بحالة جيدة لدرجة أن عنابر المرضى لم تعد تصل إليها المياه وتنقطع عنها لفترات طويلة وهذا يؤثر على الحالة النفسية للمريض ويخلق حالة من التذمر بينهم لدرجة أن أحدهم قام بإشعال النار فى غرفته بعد أن ضاقت به الدنيا، أيضا مديرة المستشفى تتجاهل حق العاملين فى تحسين أوضاعهم فنحن تقدمنا بمذكرة إليها لرفع الحوافز حتى تتناسب مع زيادة الأسعار ووافقت ثم تراجعت مرة أخرى وتقدمنا بمذكرة للأمانة العامة للصحة النفسية ضدها لأنها تقوم بصرف مكافآت خاصة لبعض العاملين دون البعض الآخر كما تتعمد تأخير صرف المستحقات المالية للعاملين ورغم كل هذه المشكلات فإن الدكتورة منال قد حصلت على درجة الامتياز فى إدارة المستشفى من الأمانة العامة للصحة النفسية فعلى أى أساس يتم تقديرها بهذا الشكل.
حالة الاهمال قد تسربت إلى نفوس المرضى من نزلاء العباسية .. محمود على(60سنة) من النزلاء يبدو حزينا وهو جالس قرب عنبر الرجال اقتربنا منه فسألناه إزيك يا عم محمود فرد قائلا: زفت .. إنت عايز إيه .. إمشى من هنا .. أنا مستنى واحد صاحبى لسه ما جاش.. فقاطعته وقلت له: إيه رأيك فى المستشفى: فقال نفس الكلام: زفت .. إمشى من هنا.
وفى نهاية الجولة أكد لنا نادر عبد العزيز ان هناك مشكلة كبيرة جداً فى المستشفى وهى ان الخدمات الترفيهية أصبحت محدودة جدا مما أدى إلى تدهور نفسية المرضى وشيوع حالة من الاستياء والتذمر والملل بينهم.