سبق لنا الحديث عن الشهيدة العفيفة بوتامينا Potamiaena أثناء حديثنا والدتها الشهيدة مارسيل، وعن الشهيد باسيليدس Baslides الجندي الذي كان مكلفًا بحراستها، وقد صنع معها معروفًا بعدم خلع ملابسها أثناء استشهادها فشفعت فيه أمام الله، ولحقها بدوره، إذ أعلن إيمانه واستشهد. ذكر المؤرخ يوسابيوس قصتها (التاريخ الكنسي6:5) كما تحدث عنها القديس بالاديوس في كتابه "التاريخ اللوسياكي" ف3، رواها على فم إيسيذورس الإسكندري نقلاً عن فم القديس أنبا أنطونيوس.
وُلدت من أبوين مسيحيين في القرن الثاني الميلادي، وكانت أمها مرسيليا تهتم بها، فوضعتها تحت إرشاد العلامة أوريجينوس، تسمع تفسيره للكتاب المقدس في مدرسة الإسكندرية الأولى. كانت بوتامينا أمة مسكينة تخدم رجلاً غنيًا بخوف الله، لكن الشيطان ملأ قلب الرجل بالأفكار الدنسة نحوها، فصار يلاطفها ويحثها على ارتكاب الشر معها، أما هي ففي قوة قاومت سيدها وأصرت على حفظ طهارتها وعفتها حتى الموت.
إذ لم يجد السيد حلاً اغتاظ منها وشكاها إلى والي الإسكندرية أوكيلا Claudius Subatianus Aquila (والي مصر ما بين 205 أو 206 حتى 210 م)، متهمًا إياها بالمسيحية، وقد قدم له مبلغًا كبيرًا ليعذبها حتى تخضع وتقبل صنع الشر مع سيدها. احتملت الكثير من الآلام وأخيرًا ألقيت في زيت مغلي حتى أسلمت الروح في يد عريسها السماوي.