صورة مشرقة لنفسية الشهيد المتهللة وسط الآلام، التي تتمتع بتعزيات نابعة من السماء عينها تسندها حتى تتم جهادها. سامه القديس البابا بطرس خاتم الشهداء أسقفًا على أنصنا بصعيد مصر (بجوار ملوي). في أيام دقلديانوس إذ اشتد الاضطهاد وكان أريانا واليا على أنصنا عنيفًا في مقاومته للمسيحيين ألقى القبض على الأسقف أباديون، لم يرد أن يقتله في الحال، مدركًا انه لو حطم نفسيته وأثناه عن إيمانه يحطم الكثيرين من ورائه، لهذا قيده وأخذه معه أسيوط ثم أخميم ليشاهد عذابات المؤمنين بنفسه، ويرى الأعداد الغفيرة تُقتل فيخضع له. وإذ حان عيد الميلاد المجيد تركه في أخميم حرًا إلى حين ليختبر حلاوة الحرية فإذا به يجتمع مع شعب أخميم في الكنيسة. سمع الوالي فجاء بجنده ليقتل في الدفعة الأولى حوالي 7200 نسمة من الكنيسة ومن جاء من الكنائس التي حولها، حتى سال الدم في الشوارع في صباح العيد وكأنهم ينضمون إلى موكب أطفال بيت لحم! أمر بتقييد الأسقف وأخذه إلى أنصنا مرة أخرى حيث قام بتعذيبه ثم إلقائه في خزانة مظلمة ليجده بعد خمسة أيام فرحًا متهللاً كمن كان في وليمة متشبهًا بالرسل، إذ قيل: "وأما هم فذهبوا من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه" ( أع 5 :41). أمر الوالي بصلبه فظهرت حمامتان وقفتا على الصليب، بل وأظهر السيد المسيح نفسه وانحلت المسامير لينزل الأسقف بلا آلام..... هكذا تتجلى قوة ربنا وسط الضعف! أخيرًا قُطعت رأسه ونال إكليل الاستشهاد في أول أمشير، بركة صلواته تكون معنا آمين.