روى لنا القديس ديونسيوس الإسكندري فى رسالة وجهها إلى فابيوس أسقف أنطاكية الآلام التي تكبدها الشهداء في الإسكندرية في عهد داكيوس (ديسوس)، جاء فيها: "لم يبدأ اضطهادنا بصدور الأمر الملكي (سنة 250 م)، بل سبقه بسنة كاملة. إن مخترع الشرور ومصدرها في هذه المدينة، أيا كان شخصه، سبق فحرّض جماعات الأممين وهيجها ضدنا، ونفث فيهم من جديد سموم خرافات بلادهم، وإذ هيجهم بهذه الكيفية، ووجدوا الفرصة كاملة لارتكاب أي نوع من الشر، اعتبروا أن أقدس خدمة يقدمونها لشياطينهم هي أن يقتلونا" (يوسابيوس 6: 41). عرض القديس ديوناسيوس أمثلة لبكور هذا الاضطهاد الذي تحقق عام 249، فتحدث عن استشهاد متراس Metras أو متريوس Metrius، وكوينتا Quinta المؤمنة وسرابيون وأيضًا العذراء المسنة أبوللوينا Apollonia ... حياتها التقوية عند مدخل باب الإسكندرية عاشت عذراء تقية متقدمة في السن من عائلة شريفة غنية، في محبتها لله عاشت منذ صبوتها في حياة تقوية محبة للعبادة والنسك والعطاء. إذ رقد والداها نذرت حياتها للبتولية، لتقضي كل أوقاتها للعبادة مع العطاء بسخاء للفقراء، وقد فضلت أن تقطن بمنزل بسيط خارج أسوار المدينة.... ففاحت رائحة المسيح الذكية في حياتها. وقوفها أمام الوالي إذ بدأ الضيق يحل بالمؤمنين في الإسكندرية، صار الوثنيون يقتحمون بيوتهم ويسحبونهم منها دون مراعاة للسن أو الجنس أو المركز، رأت أن تلتقي مع الوالي في فجر أحد الأيام تتحدث معه في صراحة عن هذه الجرائم البشعة! قضت ليلتها تصلي، وفي الفجر انطلقت إليه لا لإثارته ضدها، وإنما لترده عن شره ويراجع نفسه فيما يفعل. وإذ التقت بشجاعة قالت له بحزم وصراحة وأدب: "يا سيدي، كيف عملت هذه المظالم، وأتيت بهذا الدمار على من أنت مؤتمن عليهم لرعايتهم، دون أن تخاف إله الآلهة وملك الملوك، مشجعًا هذه الجرائم بغير فهم، قاتلاً عبيد الله؟!" عاتبها الوالي كيف تتحدث معه هكذا بهذه الجسارة محاولاً أن يهدئ من ثورتها، وإذ لم يستطع هددها بالموت إن لم تبخر للأوثان... (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). فلم تبال بتهديداته. حملها الوالي إلى معبد وثن وسألها أن تسجد، فشعرت بقوة روحية تملأها، ثم رشمت علامة الصليب لتسقط الأصنام وتتحطم... صارت في هدوء عجيب تحدث جماهير المشاهدين عن السيد المسيح وعمله الخلاصي، فانجذب الكثيرون إلى حديثها الهادئ بينما قام البعض بضربها وإهانتها. إستشهادها بدأ الوالي يعذب هذه العذراء التقية وهو يعيرها، قائلاً: "أين هو إلهك الذي يقدر أن يعينك؟" محاولاً معها أن تتراجع عن رأيها وتخضع له. كان الوالي يمارس كل عنف، تارة يأمر ببتر بعض أعضائها، وأخرى بتكسير أسنانها وضربها بعنف على فمها حتى يسيل الدم. في وسط آلامها نسيت كل ما هو حولها لتركع تطلب عون عريسها السماوي، وقد سمع الحاضرون صوتًا سماويًا يقول: "لقد قبلت صلاتك يا عروس المسيح". أعدوا لها نارًا متقدة ثم أمروها بالعبادة للأوثان وإلا ألقوها في الأتون... أما هي فوقفت قليلاً حتى حسب الحاضرون أنها بدأت تتراجع وتعيد التفكير. لم يمض وقت طويل وكل الأنظار مسلطة عليها ماذا تفعل أمام النار، وإذا بها في هدوء وشجاعة تسير بنفسها نحو النار بأيد مبسوطة للصلاة، وتدخل وسط النار بإرادتها لتسلم روحها في يدّ مخلصها. يقول القديس أغسطينوس أنه لا يليق بأحد أن يسرع بنفسه إلى الموت لكن ما فعلته هذه القديسة كان بدعوة الروح القدس لها. أُقيمت كنائس ومذابح كثيرة باسم هذه القديسة التي استشهدت بالإسكندرية، ويحتفل الغرب بعيدها فى التاسع من فبراير.