فانكسر يوسف وعزريا فتتبعوهما الى حدود اليهودية وسقط في ذلك اليوم من شعب اسرائيل الفا رجل وكانت في شعب اسرائيل حطمة عظيمة
ذلك لانهما لم يسمعا ليهوذا واخوته ظنا منهما بانهما يبديان حماسة
الا انهما لم يكونا من نسب اولئك الرجال الذين اوتوا خلاص اسرائيل على ايديهم
و عظم الرجل يهوذا واخوته جدا في عيون كل اسرائيل وجميع الامم التي سار اليها ذكرهم
و كانوا يجتمعون اليهم باصوات التهنئة
و خرج يهوذا واخوته وحاربوا بني عيسو في ارض الجنوب وضرب حبرون وتوابعها وهدم سورها واحرق البروج التيحولها
و سار قاصدا ارض الاجانب وجال في ارض السامرة
و في ذلك الحين سقط كهنة في الحرب وكانوا يريدون ان يبدوا حماسة فخرجوا الى الحرب عن غير تدبر
ثم توجه يهوذا الى اشدود في ارض الاجانب فهدم مذابحهم واحرق منحوتات الهتهم بالنار وسلب غنائم المدن وعاد الى ارض يهوذا
الإصحاح السادس
و فيما كان انطيوكس الملك يجول في الاقاليم العليا سمع بذكر المايس وهي مدينة بفارس مشهورة باموالها من الفضة والذهب
و ان بها هيكلا فيه كثير من الاموال وفيه سجوف الذهب والدروع والاسلحة التي تركها ثم الاسكندر بن فيلبس الملك المكدوني الذي كان اول ملك في اليونان
فاتى وحاول ان ياخذ المدينة وينهبها فلم يستطع لان الامر كان قد عرف عند اهل المدينة
فثاروا اليه وقاتلوه فهرب ومضى من هناك بغم شديد راجعا الى بابل
و جاءه في فارس مخبر بان الجيوش التي وجهت الى ارض يهوذا قد انكسرت
و ان ليسياس قد انهزم من وجههم وكان قد خرج عليهم في جيش في غاية القوة فتعززوا بالسلاح والذخائر والغنائم الكثيرة التي اخذوها ممن دمروهم من الجيوش
و هدموا الرجاسة التي كان قد بناها على المذبح في اورشليم وحوطوا المقدس بالاسوار الرفيعة كما كان من قبل وحصنوا بيت صور مدينتهم
فلما سمع الملك هذا الكلام بهت واضطرب جدا وانطرح على الفراش وقد اوقعه الغم في السقم لان الامر وقع على خلاف مشتهاه
فلبث هناك اياما كثيرة لانه تجدد فيه غم شديد وايقن بالموت
فدعا جميع اصحابه وقال لهم لقد شرد النوم عن عيني وسقط قلبي من الكرب
فقلت في نفسي الى اي بلاء صرت وما اعظم اللجة التي انا فيها بعد ان كنت مسرورا ومحبوبا في سلطاني
اني لاتذكر المساوئ التي صنعتها في اورشليم وكيف اخذت كل انية الذهب والفضة التي كانت فيها وارسلت لابادة سكان يهوذا بغير سبب
فانا اعلم باني لاجل ذلك اصابتني هذه البلايا وها انا اهلك بكمد شديد في ارض غريبة
ثم دعا فيلبس احد اصحابه واقامه على جميع مملكته
و دفع اليه تاجه وحلته وخاتمه واوصاه بتدبير انطيوكس ابنه وترشيحه للملك
و مات هناك انطيوكس الملك في السنة المئة والتاسعة والاربعين
و علم ليسياس ان الملك قد توفي وملك موضعه انطيوكس ابنه الذي رباه هو في حداثته وسماه باسم اوباطور
و كان اهل القلعة يصدون اسرائيل عن دخول المقادس ويحاولون الاضرار بهم من كل جانب وتوطيد الامم بينهم
فعزم يهوذا على الايقاع بهم وحشد جميع الشعب لمحاصرتهم
فاجتمعوا معا وحاصروهم سنة مئة وخمسين ونصب عليهم القذافات والمجانيق
فخرج بعض منهم من الحصار فانضم اليهم نفر منافقون من اسرائيل
و انطلقوا الى الملك وقالوا الى متى لا تجري القضاء ولا تنتقم لاخوتنا
انا ارتضينا بخدمة ابيك والعمل باوامره واتباع رسومه
و لذلك ابناء شعبنا يحاصرون القلعة بغضا لنا وكل من صادفوه منا قتلوه ونهبوا املاكنا
و لم يكتفوا بمد ايديهم علينا ولكنهم تجاوزا الى جميع تخومنا
و ها انهم قد زحفوا الى قلعة اورشليم ليستحوذوا عليها وعلى المقدس وحصنوا بيت صور
فالان ان لم تسرع وتبادرهم فسيصنعون شرا من ذلك فلا تقدر ان تكفهم
فلما سمع الملك غضب وجمع جميع اصحابه وقواد جيشه ورؤساء الفرسان
و جاءته من ممالك اخرى ومن جزائر البحار جنود مستاجرة
و كان عدد جيوشه مئة الف راجل وعشرين الف فارس واثنين وثلاثين فيلا مضراة على الحرب
فزحفوا مجتازين في ادوم ونزلوا عند بيت صور وحاربوا اياما كثيرة وصنعوا المجانيق فخرجوا واحرقوها بالنار وقاتلوا بباس
فسار يهوذا عن القلعة ونزل ببيت زكريا تجاه محلة الملك
فبكر الملك ووجه بباس جيشه الى طريق بيت زكريا فتاهبت الجيوش للقتال ونفخوا في الابواق
و اروا الفيلة عصير العنب والتوت حتى يهيجوها للقتال
ثم وزعوها على الفرق فجعلوا عند كل فيل الف رجل لابسين الدروع المسرودة وعلى رؤوسهم خوذ النحاس واقاموا لكل فيل خمسمئة فارس منتخبين
فكان اولئك حيثما وجد الفيل سبقوا اليه وحيثما ذهب ذهبوا معه لا يفارقونه
و كان على كل فيل برج حصين من الخشب يحميه مطوق بالمجانيق وعلى البرج اثنان وثلاثون رجلا من ذوي الباس يقاتلون منه والهندي يدير الفيل
و جعلوا سائر الفرسان من هنا وهناك على جانبي الجيش يحثونه ويكتنفونه في الشعاب
فلما لمعت الشمس على تروس الذهب والنحاس لمعت بها الجبال وتاججت كسرج من نار
و انتشر جيش الملك قسم على الجبال العالية وقسم في البطاح ومشوا بتحفظ وانتظام
فارتعد كل من سمع جلبتهم ودرجان جمهورهم وقعقعة سلاحهم فان الجيش كان عظيما وقويا جدا
فتقدم يهوذا وجيشه للمبارزة فسقط من جيش الملك ست مئة رجل
و راى العازار بن سواران واحدا من الفيلة عليه الدرع الملكية يفوق جميع الفيلة فظن ان عليه الملك
فبذل نفسه ليخلص شعبه ويقيم لنفسه اسما مخلدا
و عدا اليه مقتحما في وسط الفرقة يقتل يمنة ويسرة فتفرقوا عنه من هنا ومن هناك
و دخل بين قوائم الفيل حتى صار تحته وقتله فسقط عليه الى الارض فمات مكانه
و ان اليهود لما راوا سطوة الملك وبطش الجيوش ارتدوا عنهم
فصعد الملك بجيشه نحو اورشليم لملاقاتهم وزحف الى اليهودية وجبل صهيون
و عقد صلحا مع اهل بيت صور فخرجوا من المدينة لنفاد الطعام من عندهم مدة حصرهم فيها اذ كان سبت للارض
فاستولى الملك على بيت صور واقام هناك حرسا يحافظون عليها
و نزل عند المقدس اياما كثيرة ونصب هناك القذافات والمجانيق والات لرشق النار والحجارة وادوات لرمي السهام ومقاليع
و صنع اليهود مجانيق قبالة مجانيقهم وحاربوا اياما كثيرة
و لم يكن في اوعيتهم طعام لانها كانت السنة السابعة وكان الذين لجاوا الى اليهودية من الامم قد اكلوا ما فضل من الذخيرة
فلم يبق في المقادس الا نفر يسير لان الجوع غلب عليهم فتفرقوا كل واحد الى موضعه
و بلغ ليسياس ان فيلبس الذي اقامه انطيوكس في حياته ليرشح انطيوكس ابنه للملك
قد رجع من فارس وماداي ومعه جيوش الملك التي سارت في صحبته وانه يحاول ان يتولى الامور
فبادر وسعى الى الملك والقواد والجيش وقال لهم انا لنضعف يوما بعد يوم وقد قل طعامنا والمكان الذي نحاصره حصين وامور المملكة تستحثنا
و الان فلنعاقد هؤلاء الناس ولنبرم صلحا معهم ومع جميع امتهم
و لنقرر لهم ان يسلكوا في سننهم كما كانوا من قبل فانهم لاجل سننهم التي نقضناها غضبوا وفعلوا كل ذلك
فحسن الكلام في عيون الملك والرؤساء فارسل اليهم في المصالحة فاجابوا
فحلف لهم الملك والرؤساء وعلى ذلك خرجوا من الحصن
فدخل الملك الى جبل صهيون وراى الموضع حصينا فنقض الحلف الذي حلفه وامر بهدم السور الذي حوله
ثم انصرف مسرعا ورجع الى انطاكية فوجد فيلبس قد استولى على المدينة فقاتله واخذ المدينة عنوة
الإصحاح السابع
و في السنة المئة والحادية والخمسين خرج ديمتريوس بن سلوقس من رومية وصعد في نفر يسير الى مدينة بالساحل وملك هناك
و لما دخل دار ملك ابائه قبضت الجيوش على انطيوكس وليسياس لتاتيه بهما
فلما علم بذلك قال لا تروني اوجههما
فقتلتهما الجيوش وجلس ديمتريوس على عرش ملكه
فاتاه جميع رجال النفاق والكفر من اسرائيل وفي مقدمتهم الكيمس وهو يطمع ان يصير كاهنا اعظم
و وشوا على الشعب عند الملك قائلين ان يهوذا واخوته قد اهلكوا اصحابك وطردونا عن ارضنا
فالان ارسل رجلا تثق به يذهب ويفحص عن جميع ما انزله بنا وببلاد الملك من الدمار ويعاقبهم مع جميع اعوانهم
فاختار الملك بكيديس احد اصحاب الملك امير عبر النهر وكان عظيما في المملكة وامينا للملك وارسله
هو والكيمس الكافر وقد قلده الكهنوت وامره ان ينتقم من بني اسرائيل
فسارا وقدما ارض يهوذا في جيش كثيف وانفذا رسلا الى يهوذا واخوته يخاطبونهم بالسلام مكرا
فلم يلتفتوا الى كلامهما لانهم راوهما قادمين في جيش كثيف
و اجتمعت الى الكيمس وبكيديس جماعة الكتبة يسالون حقوقا
و وافى الحسيديون وهم المقدمون في بني اسرائيل يسالونهما السلم
لانهم قالوا ان مع جيوشه كاهنا من نسل هرون فلا يظلمنا
فخاطبهم خطاب سلام وحلف لهم قائلا انا لا نريد بكم ولا باصحابكم سوءا
فصدقوه فقبض على ستين رجلا منهم وقتلهم في يوم واحد كما هو مكتوب
جعلوا لحوم اصفيائك وسفكوا دماءهم حول اورشليم ولم يكن لهم من دافن
فوقع خوفهم ورعبهم على جميع الشعب لانهم قالوا ليس فيهم شيء من الحق والعدل اذ نكثوا العهد والحلف الذي حلفوه
و ارتحل بكيديس عن اورشليم ونزل ببيت زيت وارسل وقبض على كثيرين من الذين كانوا قد خذلوه وعلى بعض من الشعب وذبحهم علىالجب العظيم
ثم سلم البلاد الى الكيمس وابقى معه جيشا يؤازره وانصرف بكيديس الى الملك
و كان الكيمس يجهد في تولى الكهنوت الاعظم
و اجتمع اليه جميع المفسدين في الشعب واستولوا على ارض يهوذا وضربوا اسرائيل ضربة عظيمة
و راى يهوذا جميع الشر الذي صنعه الكيمس ومن معه في بني اسرائيل وكان فوق ما صنعت الامم
فخرج الى جميع حدود اليهودية مما حولها وانزل نقمته بالقوم الذين خذلوه فكفوا عن مهاجمة البلاد
فلما راى الكيمس ان قد تقوى يهوذا ومن معه وعلم انه لا يستطيع الثبات امامهم رجع الى الملك ووشى عليهم بجرائم
فارسل الملك نكانور احد رؤسائه المشهورين وكان عدوا مبغضا لاسرائيل وامره بابادة الشعب
فوفد نكانور على اورشليم في جيش كثير وارسل الى يهوذا واخوته يخاطبهم بالسلام مكرا
قائلا لا يكن قتال بيني وبينكم فانني قادم في نفر قليل لاواجهكم بسلام
و جاء الى يهوذا وحيا بعضهما بعضا تحية السلم وكان الاعداء مستعدين لاختطاف يهوذا
و علم يهوذا ان مواجهته كانت مكرا فاجفل منه وابي ان يعود الى مواجهته
فلما راى نكانور ان مشورته قد كشفت خرج لملاقاة يهوذا بالقتال عند كفر سلامة
فسقط من جيش نكانور نحو خمسة الاف رجل وفر الباقون الى مدينة داود
و بعد هذه الامور صعد نكانور الى جبل صهيون فخرج بعض الكهنة من المقادس وبعض شيوخ الشعب يحيونه تحية السلم ويرونه المحرقات المقربة عن الملك
فاستهزا بهم وسخر منهم وتقذرهم وكلمهم بتجبر
و اقسم بغضب قائلا ان لم يسلم يهوذا وجيشه الى يدي اليوم فسيكون متى عدت بسلام اني احرق هذا البيت وخرج بحنق شديد
فدخل الكهنة ووقفوا امام المذبح والهيكل وبكوا وقالوا
انك يا رب قد اخترت هذا البيت ليدعى فيه باسمك ويكون بيت صلاة وتضرع لشعبك
فانزل النقمة بهذا الرجل وجيشه وليسقطوا بالسيف واذكر تجاديفهم ولا تبق عليهم
ثم خرج نكانور من اورشليم ونزل ببيت حورون فانحاز اليه جيش سورية
و نزل يهوذا باداسة في ثلاثة الاف رجل وصلى يهوذا وقال
انه لما جدف الذين كانوا مع ملك اشور خرج ملاكك يا رب وضرب مئة الف وخمسة وثمانين الفا منهم
هكذا فاحطم هذا الجيش امامنا اليوم فيعلم الباقون انهم تكلموا على اقداسك سوءا واقض عليه بحسب خبثه
ثم الحم الجيشان القتال في اليوم الثالث عشر من شهر اذار فانكسر جيش نكانور وكان هو اول من سقط في القتال
فلما راى جيش نكانور انه قد سقط القوا اسلحتهم وهربوا
فتعقبوهم مسيرة يوم من اداسة الى مدخل جازر ونفخوا وراءهم في ابواق الاشارة
فخرج الناس من جميع قرى اليهودية من كل جانب وصدموهم فارتدوا الى جهة الذين يتعقبونهم فسقطوا جميعهم بالسيف ولم يبق منهم احد
فاخذوا الغنائم والاسلاب وقطعوا راس نكانور ويمينه التي مدها بتجبر واتوا بهما وعلقوهما قبالة اورشليم
ففرح الشعب جدا وقضوا ذلك النهار بمسرة عظيمة
و رسموا ان يعيد ذلك اليوم الثالث عشر من اذار كل سنة
و هدات ارض يهوذا اياما يسيرة
الإصحاح الثامن
و سمع يهوذا باسم الرومانيين انهم ذوو اقتدار عظيم ويعزون كل من ضوى اليهم وكل من جاءهم اثروه بمودتهم ولهم شوكة شديدة
و قصت عليه وقائعهم وما ابدوا من الحماسة في قتال الغاليين وانهم اخضعوهم وضربوا عليهم الجزية
و ما فعلوا في بلاد اسبانية واستيلاؤهم على معادن الفضة والذهب التي هناك وانهم اخضعوا كل مكان بمشورتهم وطول اناتهم
و ان كان ذلك المكان عنهم بمسافة بعيدة وكسروا الذين اغاروا عليهم من الملوك من اقاصي الارض وضربوهم ضربة عظيمة وانسائر الملوك يحملون اليهم الجزية كل سنة
و قد قهروا فيلبس وفرساوس ملك كتيم في الحرب وكل من قاتلهم واخضعوهم
و كسروا انطيوكس الكبير ملك اسية الذي زحف لقتالهم ومعه مئة وعشرون فيلا وفرسان وعجلات وجيش كثير جدا
و قبضوا عليه حيا وضربوا عليه وعلى الذين يملكون بعده جزية عظيمة ورهائن ووضائع معلومة
و ان يتركوا بلاد الهند وماداي ولود وخيار بلادهم واخذوها منه واعطوها لاومينيس الملك
و لما هم اليونان ان يسيروا لمقاتلتهم بلغهم ذلك
فارسلوا اليهم قائدا واحدا وحاربوهم فسقط منهم قتلى كثيرون وسبوا نساءهم واولادهم ونهبوهم واستولوا على ارضهم وهدموا حصونهم واستعبدوهم الى هذا اليوم
و دمروا سائر الممالك والجزائر التي قاومتهم واستعبدوا سكانها
و انهم حفظوا المودة لاوليائهم والذين اعتمدوا عليهم وتسلطوا على الممالك قريبها وبعيدها وكل من سمع باسمهم خافهم
و من ارادوا مؤازرته وتمليكه ملكوه ومن ارادوا خلعه خلعوه فعلا شانهم جدا
و مع ذلك كله لم يلبس احد منهم التاج ولا تردى الارجوان مباهاة به
و انما وضعوا لهم شورى ياتمر فيها كل يوم ثلاث مئة وعشرون رجلا لاصلاح شؤونهم
و هم يفوضون سلطانهم وسياسة ارضهم بجملتها كل سنة الى رجل واحد وجميعهم يطيعون هذا الواحد وليس فيهم حسد ولا منافسة
فاختار يهوذا اوبولمس بن يوحنا بن اكوس وياسون بن العازار وارسلهما الى رومية ليعقدا معهم عهد الموالاة والمناصرة
و يرفعا عنهم النير لانهم راوا ان دولة اليونان قد استعبدت اسرائيل استعبادا
فانطلقا الى رومية في سفر بعيد جدا ودخلا الشورى وتكلما وقالا
انا مرسلان اليكم من قبل يهوذا المكابي واخوته وجمهور اليهود لنعقد معكم عهد المناصرة والمسالمة وان تثبتونا في جملة مناصريكم واوليائكم
فحسن الكلام لديهم
و هذه نسخة الكتاب الذي دونوه على الواح من نحاس وارسلوه الى اورشليم حتى يكون عندهم تذكار للمسالمة والمناصرة
الفلاح للرومانيين ولامة اليهود في البحر والبر الى الابد وليبعد عنهم السيف والعدو
اذا قامت حرب في رومية اولا او عند اي كان من مناصريهم في جميع سلطانهم
فامة اليهود تناصر بكل عزمها كما تقتضيه الحال
و ليس على الرومانيين ان يؤدوا الى المحاربين معهم او يجهروا لهم طعاما ولا اسلحة ولا فضة ولا سفنا كذلك حسن عند الرومانيين لكن يحافظون على اوامر الرومانيين بغير ان ياخذوا شيئا
و كذلك امة اليهود اذا حدثت لها حرب اولا فالرومانيون ينتدبون للمناصرة كما تقتضيه الحال
و ليس على اليهود ان يؤدوا الى المناصرين طعاما ولا اسلحة ولا فضة ولاسفنا كذلك حسن عند الرومانيين لكن يحافظون على اوامر اليهود دون غش
على هذا الكلام عاهد الرومانيون شعب اليهود
و اذا شاء هؤلاء او اولئك ان يزيدوا على هذا الكلام او يسقطوا منه فيفعلون برضى الفريقين وكل ما زادوا او اسقطوا يكون مقررا
اما الشرور التي انزلها بهم الملك ديمتريوس فقد كتبنا اليه قائلين لم ثقلت النير على اوليائنا ومناصرينا اليهود
فان عادوا يتظلمون منك فسنجري لهم الحكم ونقاتلك بحرا وبرا
الإصحاح التاسع
و لما سمع ديمتريوس بان نكانور وجيوشه قد سقطوا في الحرب عاد ثانية فارسل الى ارض يهوذا بكيديس والكيمس ومعهما الجناح الايمن
فانطلقا في طريق الجلجال ونزلا عند مشالوت باربيل فاستولى عليها واهلكا نفوسا كثيرة
و في الشهر الاول من السنة المئة والثانية والخمسين نزلا على اورشليم
ثم زحفا وانطلقا الى بئروت في عشرين الف راجل والفي فارس
و كان يهوذا قد نزل بلاشع ومعه ثلاثة الاف رجل منتخبين
فلما راوا كثرة عدد الجيوش خافوا خوفا شديدا فجعل كثيرون ينسابون من المحلة ولم يبق منهم الا ثماني مئة رجل
فلما راى يهوذا ان جيشه قد انساب والحرب تضايقه انكسر قلبه لانه لم يبق له وقت لردهم واسترخت عزائمه
فقال لمن بقي معه لنقم ونهجم على مناصبينا عسى ان نقدر على مدافعتهم
فصرفوه عن عزمه قائلين انه ليس في طاقاتنا اليوم الا ان ننجو بنفوسنا ثم نرجع مع اخواتنا ونقاتلهم فانا عدد قليل
فقال يهوذا حاش لي ان افعل مثل ذلك واهرب منهم وان كان قد دنا اجلنا فلنموتن بشجاعة عن اخواتنا ولا نبقين على مجدنا وصمة
و برز جيش العدو من المحلة ووقفوا بازائهم وانقسمت الفرسان قسمين وكان الرماة بالمقاليع والقسي يتقدمون الجيش كلها من ذوي الباس
و كان بكيديس في الجناح الايمن فازدلفت الفرقة من الجانبين وهتفوا بالابواق
و نفخ رجال يهوذا ايضا في الابواق فارتجت الارض من جلبة العسكرين والتحم القتال من الصبح الى المساء
و راى يهوذا ان بكيديس وقوة الجيش في الجناح الايمن فقصدهم ومعه كل ذي قلب ثابت
فكسروا الجناح الايمن وتعقبوا اثرهم الى جبل اشدود
فلما راى رجال الجناح الايسر انكسار الجناح الايمن انقلبوا على اثار يهوذا ومن معه
فاشتد القتال وسقط قتلى كثيرون من الفريقين
و سقط يهوذا وهرب الباقون
فحمل يوناتان وسمعان يهوذا اخاهما ودفناه في قبر ابائه في مودين
فبكاه شعب اسرائيل بكاء عظيما ولطموا عليه وناحوا اياما وقالوا
كيف سقط البطل مخلص اسرائيل
و بقية اخبار يهوذا وحروبه وما ابداه من الحماسة وجبروته لم تكتب في هذا الموضع لانها كثيرة جدا
و كان بعد وفاة يهوذا ان المنافقين برزوا في جميع تخوم اسرائيل وظهر كل فاعلي الاثم
و في تلك الايام حدثت مجاعة عظيمة جدا فتخاذلت البلاد اليهم
فاختار بكيديس الكفرة منهم واقامهم رؤساء على البلاد
فكانوا يتطلبون اصحاب يهوذا ويتفقدونهم وياتون بهم الى بكيديس فينتقم منهم ويستهزئ بهم
فحل باسرائيل ضيق عظيم لم يحدث مثله منذ لم يظهر فيهم نبي
فاجتمع جميع اصحاب يهوذا وقالوا ليوناتان
انه منذ وفاة يهوذا اخيك لم يقم له كفؤ يخرج على العدو وعلى بكيديس والمبغضين لامتنا
فنحن نختارك اليوم رئيسا لنا وقائدا مكانه تحارب حربنا
فقبل يوناتان القيادة في ذلك الوقت وقام في موضع يهوذا اخيه
فلما علم بكيديس طلب قتله
و بلغ ذلك يوناتان وسمعان اخاه وجميع من معه فهربوا الى برية تقوع ونزلوا على ماء جب اسفار
فعلم بكيديس فزحف بجميع جيشه الى عبر الاردن يوم سبت
و ارسل يوناتان يوحنا اخاه بجماعة تحت قيادته يسال النباطيين اولياءه ان يعيروهم عدتهم الوافرة
فخرج بنو يمري من ميدابا وقبضوا على يوحنا وكل ما معه وذهبوا بالجميع
و بعد هذه الامور اخبر يوناتان وسمعان اخوه ان بني يمري يقيمون عرسا عظيما ويزفون العروس من ميدابا باحتفال عظيم وهيابنة بعض عظماء كنعان
فذكروا يوحنا اخاهم وصعدوا واختباوا وراء الجبل
ثم رفعوا ابصارهم ونظروا فاذا بجلبة وجهاز كثير والعروس واصحابه واخوته خارجون للقائهم بالدفوف والات الطرب واسلحة كثيرة
فثار عليهم رجال يوناتان من المكمن وضربوهم فسقط قتلى كثيرون وهرب الباقون الى الجبل فاخذوا كل اسلابهم
و تحول العرس الى مناحة وصوت الات طربهم الى نحيب
و لما انتقموا لدم اخيهم رجعوا الى غيضة الاردن
فسمع بكيديس فوفد الى شطوط الاردن يوم سبت في جيش عظيم
فقال يوناتان لمن معه لننهض الان ونقاتل عن نفوسنا فليس الامر اليوم كما كان امس فما قبل
ها ان الحرب امامنا وخلفنا وماء الاردن والغياض والغاب من هنا ومن هناك فليس لنا مناص
و الان فاصرخوا الى السماء فتنقذوا من ايدي اعدائكم ثم التحم القتال
و مد يوناتان يده ليضرب بكيديس فانصاع عنه الى الوراء
فرمى يوناتان ومن معه بانفسهم في الاردن وعاموا الى العبر فلم يعبروا الاردن اليهم
و سقط من رجال بكيديس في ذلك اليوم الف رجل فعاد الى اورشليم
ثم بنى مدائن حصينة في اليهودية وحصن اريحا وعماوس وبيت حورون وبيت ايل وتمنة وفرعتون وتفون باسوار عالية وابواب ومزاليج
و جعل فيها حرسا يراغمون اسرائيل
و حصن مدينة صور وجازر والقلعة وجعل فيها جيوشا وميرة
و اخذ ابناء قواد البلاد رهائن وجعلهم في القلعة باورشليم في الحبس
و في السنة الثالثة والخمسين في الشهر الثاني امر الكيمس ان يهدم حائط دار المقدس الداخلية فهدم اعمال الانبياء وشرع في التدمير
في ذلك الزمان ضرب الكيمس فكف عن صنيعه واعتقل لسانه وفلج ولم يعد يستطيع ان ينطق بكلمة ولا ان يوصي لبنيه
و مات الكيمس في ذلك الزمان في عذاب شديد
فلما راى بكيديس ان الكيمس قد مات رجع الى الملك وهدات ارض يهوذا سنتين
و بعد ائتمر المنافقون كلهم وقالوا ها ان يوناتان والذين معه في منازلهم هادئون مطمئنون فهلموا الان نحمل عليهم بكيديس فيقبض عليهم اجمعين في ليلة واحدة
و انطلقوا واشاروا عليه بذلك
فقام وسار في جيش عظيم وبعث سرا يكتب الى جميع نصرائه في اليهودية ان يقبضوا على يوناتان والذين معه فلم يجدوا الى ذلك سبيلا لان مشورتهم انكشفت لهم
ثم قبضوا على خمسين رجلا من البلاد وهم ارباب الفتنة وقتلوهم
و انصرف يوناتان وسمعان ومن معهما الى بيت حجلة في البرية وبنى مهدومها وحصنها
و لما علم بكيديس حشد جميع جمهوره وراسل حلفاءه في اليهودية
و زحف ونزل على بيت حجلة وحاربها اياما كثيرة ونصب المجانيق
و ان يوناتان ترك سمعان اخاه في المدينة وخرج في عدد من الجند وانتشر في البلاد
و ضرب ادورين واخوته وبني فاسرون في خيامهم وطفق يوقع بالعدو ويزداد قوة
و خرج سمعان ومن معه من المدينة واحرقوا المجانيق
و قاتلوا بكيديس فانكسر وضايقوه جدا واذ ذهبت مشورته وخروجه في الباطل
استشاط غضبا على الرجال المنافقين الذين اشاروا عليه بالخروج من البلاد وقتل كثيرين منهم وازمع الانصراف الى ارضه
و علم يوناتان فانفذ اليه رسلا في عقد المصالحة ورد الاسرى
فاجاب وفعل بحسب كلامه وحلف له انه لن يطلبه بسوء كل ايام حياته
و رد اليه الاسرى الذين اسرهم من قبل في ارض يهوذا ثم عاد الى ارضه ولم يعد يسير الى تخومهم
فزال السيف من اسرائيل وسكن يوناتان في مكماش واخذ يوناتان يحاكم الشعب واستاصل المنافقين من اسرائيل
الإصحاح العاشر
و في السنة المئة والستين صعد الاسكندر الشهير ابن انطيوكس وفتح بطلمايس فقبلوه فملك هناك
فسمع ديمتريوس الملك فجمع جيوشا كثيرة جدا وخرج لملاقاته في الحرب
و انفذ ديمتريوس الى يوناتان كتبا في معنى السلم متقربا اليه بالاطراء
لانه قال لنسبق الى مسالمته قبل ان يسالم الاسكندر علينا
فانه سيذكر كل ما انزلنا به وباخوته وامته من المساوئ
و اذن له ان يجمع جيوشا ويتجهز بالاسلحة ويكون مناصرا له وامر له برد الرهائن الذين في القلعة
فجاء يوناتان الى اورشليم وتلا الكتب على مسامع الشعب كله واهل القلعة
فلما سمع ان الملك اذن له في جمع الجيوش جزعوا جزعا شديدا
و رد اهل القلعة الرهائن الى يوناتان فردهم الى ذوي قرابتهم
و اقام يوناتان باورشليم وطفق يبني ويجدد المدينة
و امر صناع العمل ان يبنوا الاسوار حول جبل صهيون بحجارة منحوتة للتحصين ففعلوا
فهرب الغرباء الذين في الحصون التي بناها بكيديس
و ترك كل واحد مكانه وذهب الى ارضه
غير انه بقي في بيت صور قوم من المرتدين عن الشريعة والرسوم فانها كانت ملجا لهم
و سمع الاسكندر الملك بالمواعيد التي عرضها ديمتريوس على يوناتان وحدث بما صنع هو واخوته من الحروب واعمال الباس وما كابدوه من النصب
فقال انا لا نجد من رجل يماثله فلنتخذه لنا وليا ومناصرا
و كتب كتبا وبعث اليه بها في هذا المعنى قائلا
من الملك الاسكندر الى اخيه يوناتان سلام
لقد بلغنا عنك انك رجل شديد الجبروت وخليق بان تكون لنا وليا
فنحن نقيمك اليوم كاهنا اعظم في امتك وتسمى ولي الملك وتهتم بما لنا وتبقى في مودتنا وارسل اليه ارجوانا وتاجا من ذهب
فلبس يوناتان الحلة المقدسة في الشهر السابع من السنة المئة والستين في عيد المظال وجمع الجيوش وتجهز باسلحة كثيرة
و ذكر ذلك لديمتريوس فشق عليه وقال
كيف تركنا الاسكندر يسبقنا الى مصافاة اليهود والتعزز بهم
فاكتب انا ايضا اليهم بكلام ملاطفة وتعظيم واعدهم بعطايا ليكونوا من مناصري
و كاتبهم بقوله من الملك ديمتريوس الى امة اليهود سلام
لقد بلغنا انكم محافظون على عهودكم لنا ثابتون في مودتنا ولم تتقربوا الى اعدائنا فسرنا ذلك
فاثبتوا في المحافظة على وفائكم لنا فنحسن ثوابكم على ما تفعلون في حقنا
و نحط عنكم كثيرا مما لنا عليكم ونصلكم بالعطايا
و الان فاني اعفيكم واحط عن جميع اليهود كل جزية ومكس الملح والاكاليل وثلث الزرع
و نصف اتاء الشجر الذي يحق لي اخذه اعفيكم من هذه الاشياء من اليوم فصاعد في ارض يهوذا وفي المدن الثلاث الملحقة بها من ارض السامرة والجليل من هذا اليوم على طول الزمان
و لتكن اورشليم مقدسة وحرة هي وتخومها واحط عنها العشور والضرائب
و اتخلى عن القلعة التي باورشليم واعطيها للكاهن الاعظم يقيم فيها من يختاره من الرجال لحراستها
و جميع النفوس التي سبيت من اليهود من ارض يهوذا في مملكتي باسرها اطلقها حرة بلا ثمن وليكن الجميع معفين من اتاوة المواشي
و لتكن الاعياد كلها والسبوت ورؤوس الشهور والايام المخصصة والايام الثلاثة التي قبل العيد والايام الثلاثة التي بعد العيد ايام ابراء وعفو لجميع اليهود الذين في مملكتي
فلا يكون لاحد ان يرافع احدا منهم او يثقل عليه في اي امر كان
و ليكتتب من اليهود في جيوش الملك الى ثلاثين الف رجل تعطى لهم وظائف كما يحق لسائر جنود الملك
فيجعل منهم في حصون الملك العظيمة ويفوض الى البعض منهم النظر في مهام المملكة التي تقتضي الامانة ورؤساؤهم ومدبروهم يكونون من جملتهم ويسلكون بحسب سننهم كما امر الملك لارض يهوذا
و اما المدن الثلاث الملحقة باليهودية من بلاد السامرة فلتبق ملحقة باليهودية فتكون معها خاضعة لواحد ولا تطيع سلطانا اخر الا سلطان الكاهن الاعظم
و قد وهبت بطلمايس وما يتبعها للمقدس الذي باورشليم لاجل نفقة الاقداس
و زدت عليها خمسة عشر الف مثقال فضة كل سنة من دخل الملك من الاماكن التي تختص به
و كل ما بقي مما لم يدفعه وكلاء المال عن السنين السالفة يؤدونه من الان لاعمال البيت
و ما عدا ذلك فخمسة الاف مثقال الفضة التي كانت تؤخذ من دخل المقدس في كل سنة تترك رزقا للكهنة القائمين بالخدمة
و اي من لاذ بالمقدس في اورشليم في جميع حدوده وللملك عليه مال او اي حق كان فليعف وليبق له كل ما ملك في مملكتي
و نفقة البناء واعمال الترميم في المقادس تعطى من حساب الملك
و بناء اسوار اورشليم وتحصينها على محيطها وبناء الاسوار في سائر اليهودية تعطى نفقته من حساب الملك
فلما سمع يوناتان والشعب هذا الكلام لم يثقوا به ولا قبلوه لانهم تذكروا ما انزله ديمتريوس باسرائيل من الشر العظيم والضغط الشديد
فاثروا الاسكندر لانه بداهم بكلام السلام وبقوا على مناصرته كل الايام
و جمع الاسكندر الملك جيوشا عظيمة نزل تجاه ديمتريوس
فانتشب القتال بين الملكين فانهزم جيش ديمتريوس فتعقبه الاسكندر وهجم عليهم
و اشتد القتال جدا الى ان غابت الشمس وسقط ديمتريوس في ذلك اليوم
ثم بعث الاسكندر رسلا الى بطلماوس ملك مصر بهذا الكلام قائلا
اذ قد رجعت الى ارض مملكتي وجلست على عرش ابائي واستتب لي السلطان وكسرت ديمتريوس واستوليت على بلادنا
اذ الحمت عليه القتال فانكسر امامنا هو وجيشه وجلست على عرش ملكه
فهلم الان نوال بعضنا بعضا وهب لي ابنتك زوجة فاصاهرك واهدي اليك هدايا تليق بك
فاجاب بطلماوس الملك قائلا ما اسعد اليوم الذي رجعت فيه الى ارض ابائك وجلست على عرش ملكهم
و اني صانع ما كتبت الى به فهلم الى بطلمايس فنتواجه واصاهرك كما قلت
و خرج بطلماوس من مصر هو وكلوبطرة ابنته ودخلا بطلمايس في السنة المئة والثانية والستين
فلاقاه الاسكندر الملك فاعطاه كلوبطرة ابنته واقام عرسها في بطلمايس على عادة الملوك باحتفال عظيم
و كتب الاسكندر الملك الى يوناتان ان يقدم لملاقاته
فانطلق الى بطلمايس في موكب مجيد ولقى الملكين واهدى لهما ولاصحابهما فضة وذهبا وهدايا كثيرة فنال حظوة لديهما
و اجتمع عليه رجال مفسدون من اسرائيل رجال منافقون ووشوا به فلم يصغ الملك اليهم
و امر الملك ان ينزعوا ثياب يوناتان ويلبسوه ارجوانا ففعلوا واجلسه الملك بجانبه
و قال لعظمائه اخرجوا معه الى وسط المدينة ونادوا ان لا يتعرض له احد في امر من الامور ولا يسوءه بشيء من المكروه
فلما راى الذين وشوا به ما هو فيه من المجد وكيف نودي له والبس الارجون هربوا جميعهم
و اعزه الملك وجعله من اصدقائه الخواص واقامه قائدا وشريكا في الملك
فعاد يوناتان الى اورشليم سالما مسرورا
و في السنة المئة والخامسة والستين جاء ديمتريوس بن ديمتريوس الى ارض ابائه
فسمع بذلك الاسكندر الملك فاغتم جدا ورجع الى انطاكية
و فوض ديمتريوس قيادة الجيش الى ابلونيوس والى بقاع سورية فحشد جيشا عظيما ونزل بيمنيا وراسل يوناتان الكاهن الاعظم قائلا
انه ليس لنا من مقاوم الا انت وبسببك قد اصبحت عرضة للسخرية والتعيير فعلام انت تناهضنا في الجبال
فالان ان كنت واثقا بجيوشك فانزل الينا في السهل فنتبارز هناك فان معي قوة الامصار
سل واعلم من انا ومن الذين يؤازرونني فانه يقال انكم لا تستطيعون الثبات امامنا لان ابائك قد انكسروا في ارضهم مرتين
فلست تطيق الثبات امام الفرسان وجيش في كثرة جيشي في سهل لا حجر فيه ولا حصاة ولا ملجا تهربون اليه
فلما سمع يوناتان كلام ابلونيوس اضطرب غيظا واختار عشرة الاف رجل وخرج من اورشليم ولحق به سمعان اخوه لمظاهرته
و نزل تجاه يافا فاغلقوا في وجهه ابواب المدينة لان حرس ابلونيوس كان فيها فحاصرها
فخاف الذين في المدينة وفتحوا له فاستولى يوناتان على يافا
و سمع ابلونيوس فتقدم في ثلاثة الاف فارس وجيش كثير
و سار نحو اشدود كانه عابر سبيل ثم عطف بغتة الى السهل اذ كان معه كثيرون من الفرسان الذين يعتمد عليهم فتعقبه يوناتان الى اشدود والتحم القتال بين الفريقين
و كان ابلونيوس قد خلف الف فارس وراءهم في خفية
الا ان يوناتان كان عالما ان وراءه كمينا ولم يلبثوا ان احدقوا بجيشه يرمون الشعب بالسهام من الصبح الى المساء
اما الشعب فبقي في مواقفه كما امر يوناتان حتى اعيت خيل اولئك
حينئذ برز سمعان بجيشه والحم القتال على الفرقة لان الخيل كانت قد وهنت فكسرهم فهربوا
و تبددت الخيل في السهل وفروا الى اشدود ودخلوا بيت داجون معبد صنمهم لينجوا بنفوسهم
فاحرق يوناتان اشدود والمدن التي حولها وسلب غنائمهم واحرق هيكل داجون والذين انهزموا اليه بالنار
و كان الذين قتلوا بالسيف مع الذين احرقوا ثمانية الاف رجل
ثم سار يوناتان من هناك ونزل تجاه اشقلون فخرج اهل المدينة للقائه باجلال عظيم
و رجع يوناتان بمن معه الى اورشليم ومعهم غنائم كثيرة
و لمل سمع الاسكندر الملك بهذه الحوادث زاد يوناتان مجدا
و بعث اليه بعروة من ذهب كما كان يعطى لانسباء الملوك ووهب له عقرون وتخومها ملكا
الإصحاح الحادي عشر
و جمع ملك مصر جيوشا كثيرة كالرمل الذي على ساحل البحر وسفنا عديدة وحاول الاستيلاء على مملكة الاسكندر بالمكر والحاقها بمملكته
فقدم سورية متظاهرا بالسلم ففتح له اهل المدن ولاقوه اذ كان الاسكندر الملك قد امر بلقائه لانه صهره
و كان بطلماوس عند دخوله المدن يبقي في كل مدينة حرسا من الجند
و لما وصل الى اشدود اروه هيكل داجون المحرق واشدود وضواحيها المهدومة والجثث المطروحة والذين كان يوناتان قد احرقهم في الحرب وكانوا قد جعلوا رجامهم على طريقه
و حدثوا الملك بما فعل يوناتان يريدون تجرمه فسكت الملك
و لاقى يوناتان الملك في يافا باجلال وسلم بعضهما على بعض وناما هناك
ثم شيع يوناتان الملك الى النهر الذي يقال له الوتارس ورجع الى اورشليم
فاستحوذ الملك بطلماوس على مدن الساحل الى سلوكية الساحلية وكان مضمرا للاسكندر السوء
ثم انفذ رسلا الى ديمتريوس الملك قائلا هلم فنعقد عقدا بيني وبينك واهب لك بنتي التي عند الاسكندر وتملك ملك ابيك
فاني قد ندمت على عطائي ابنتي له لانه رام قتلي
و تجنى عليه طمعا في ملكه
ثم استرد ابنته واعطاها لديمتريوس وتغير على الاسكندر وظهرت عداوتهما
ثم ان بطلماوس دخل انطاكية ووضع على راسه تاجين تاج اسية وتاج مصر
و كان الاسكندر الملك اذ ذاك في كيليكية لان اهل تلك البلاد كانوا قد تمردوا
فلما سمع الاسكندر قدم لمقاتلته فاخرج بطلماوس جيشه ولاقاه بعسكر شديد فكسره
فهرب الاسكندر الى ديار العرب مستجيرا بهم وعظم امر بطلماوس الملك
فقطع زبديئيل العربي راس الاسكندر وبعث به الى بطلماوس
و في اليوم الثالث مات بطلماوس الملك فاهلك رجال الجند الحراس الذين في الحصون
و ملك ديمتريوس في السنة المئة والسابعة والستين
في تلك الايام جمع يوناتان رجال اليهودية لفتح القلعة التي باورشليم ونصب عليها مجانيق كثيرة
فانطلق قوم من مبغضي امتهم من الرجال المنافقين الى الملك واخبروه بان يوناتان يحاصر القلعة
فلما سمع استشاط غضبا وسار من ساعته قاصدا بطلمايس وكتب الى يوناتان ان يكف عن محاصرة القلعة وان يبادر الى ملاقاته في بطلمايس للمواجهة
فلما بلغ ذلك يوناتان امر بان يستمروا على الحصار واختار بعضا من شيوخ اسرائيل والكهنة وخاطر بنفسه
و اخذ من الفضة والذهب والحلل وسائر الهدايا شيئا كثيرا وانطلق الى الملك في بطلمايس فنال حظوة لديه
و وشى به قوم من الامة من اهل النفاق
الا ان الملك عامله كما كان اسلافه يعاملونه وعظمه لدى اصحابه جميعا
و اقره في الكهنوت الاعظم وفي كل ما كان له من الاختصاصات وجعله من اول اصدقائه
و سال يوناتان الملك ان يعفي اليهودية والمدن الثلاث وارض السامرة من كل جزية ووعده بثلاث مئة قنطار
فارتضى الملك وكتب ليوناتان كتبا في ذلك كله وهذه صورتها
من ديمتريوس الملك الى يوناتان اخيه وامة اليهود سلام
نسخة الكتاب الذي كتبناه في حقكم الى لسطانيس قريبنا كتبنا بها اليكم لتقفوا على مضمونها
من ديمتريوس الملك الى لسطانيس ابيه سلام
لقد راينا ان نحسن الى امة اليهود اوليائنا المحافظين على ما يحق لنا وفاء بما سبق من برهم لنا
فجعلنا لهم تخوم اليهودية والمدن الثلاث وهي افيرمة ولدة والرامتائيم التي الحقت باليهودية من ارض السامرة وجميع توابعها فتكون لجميع الذين يذبحون في اورشليم بدل الضرائب الملكية التي كان الملك يستخرجها منهم قبلا في كل سنة من اتاء الارض وثمر الاشجار
و سائر ما يحق لنا من العشور والوضائع ووهاد الملح والاكاليل
هذا كله قد انعمنا عليهم به تبرعا ومن الان لا يلغى شيء من هذا الانعام ما طال الزمان
فالان اكتبوا نسخة من هذا الرسم ولتسلم الى يوناتان ولتوضع في الجبل المقدس في موضع مشهود
و راى ديمتريوس الملك ان الارض قد اطمانت لديه لا ينازعه منازع فسرح جميع جيوشه كل واحد الى موضعه ما خلا الجنود الغرباء الذين جاء بهم من جزائر الامم فمقته جيوش ابائه كلهم
و كان تريفون من احزاب الاسكندر قبلا فلما راى ان الجيوش جميعها تتذمر على ديمتريوس انطلق الى ايملكوئيل العربي وكان يربي انطيوكس بن الاسكندر
فالح عليه ان يسلمه اليه لكي يملك مكان ابيه واخبره بما فعل ديمتريوس وبما له في الجيوش من العداوة ومكث هناك اياما كثيرة
و ارسل يوناتان الى ديمتريوس الملك ان يخرج الجنود الذين في القلعة من اورشليم والذين في الحصون لانهم كانوا يحاربون اسرائيل
فارسل ديمتريوس الى يوناتان قائلا سافعل ذلك لك ولامتك بل ساعظمك انت وامتك تعظيما متى وافقتني فرصة
و الان فانك تحسن الصنيع اذا ارسلت الى رجالا يكونون في نجدتي فاني قد خذلتني جيوشي كلها
فوجه يوناتان ثلاث الاف رجل اشداء الباس الى انطاكية فوافوا الملك ففرح الملك بقدومهم
و اجتمع اهل المدينة في وسط المدينة وكانوا مئة وعشرين الف رجل يحاولون قتل الملك
فهرب الملك الى داره فاستولى اهل المدينة على طرق المدينة وشرعوا في القتال
فدعا الملك اليهود لنجدته فاجتمعوا اليه كلهم ثم تفرقوا بجملتهم في المدينة فقتلوا فى المدينة في ذلك اليوم مئة الف رجل
و احرقوا المدينة واخذوا غنائم كثيرة في ذلك اليوم وخلصوا الملك
فلما راى اهل المدينة ان اليهود قد استولوا على المدينة يفعلون ما شاءوا انخلعت قلوبهم وصرخوا الى الملك متضرعين وقالوا
عاقدنا وليكف اليهود عن الايقاع بنا وبالمدينة
فالقوا السلاح وعقدوا المصالحة فعظم امر اليهود عند الملك وعند جميع اهل مملكته ثم رجعوا الى اورشليم بغنائم كثيرة
و جلس ديمتريوس الملك على عرش ملكه وهدات الارض امامه
فاخلف في جميع ما وعد وتغير على يوناتان وكافاه بخلاف ما صنع اليه من المعروف وضيق عليه جدا
و بعد ذلك رجع تريفون ومعه انطيوكس وهو غلام صغير فملك انطيوكس ولبس التاج
فاجتمع اليه جميع الجيوش التي سرحها ديمتريوس وقاتلوا ديمتريوس ففر منهم منهزما
فاستولى تريفون على الفيلة ثم فتح انطاكية
و كتب انطيوكس الصغير الى يوناتان قائلا اني اقرك في الكهنوت الاعظم واقيمك على المدن الاربع واتخذك من اصدقاءالملك
و ارسل اليه انية من الذهب لخدمته واباح له ان يشرب في الذهب ويلبس الارجوان بعروة الذهب
و اقام سمعان اخاه قائدا من عقبة صور الى حدود مصر
و خرج يوناتان وطاف في عبر النهر وفي المدن فاجتمعت لمظاهرته جميع جيوش سورية وقدم اشقلون فلاقاه اهل المدينة باحتفال
و انصرف من هناك الى غزة فاغلق اهل غزة الابواب في وجهه فحاصرها واحرق ضواحيها بالنار ونهبها
فسال اهل غزة يوناتان الامان فعاقدهم واخذ ابناء رؤسائهم رهائن وارسلهم الى اورشليم ثم جال في البلاد الى دمشق
و سمع يوناتان ان قواد ديمتريوس قد بلغوا الى قادش الجليل في جيش كثيف يريدون ان يعزلوه عن الولاية
فزحف لملاقاتهم وخلف سمعان اخاه في البلاد
فحاصر سمعان بيت صور وحاربها اياما كثيرة واحاط بها
فسالوه المعاقدة فعاقدهم واخرجهم من هناك وفتح المدينة واقام فيها حرسا
و اما يوناتان وجيشه فنزلوا على ماء جناسر وقبل الفجر زحفوا الى سهل حاصور
فاذا بجيش الاجانب يلاقيهم في السهل وقد اقاموا عليهم كمينا في الجبال فبينما هم يتقدمون تجاههم
ثار الكمين من مواضعهم والحموا القتال
ففر رجال يوناتان جميعا ولم يبق منهم احد الا متتيا ابن ابشالوم ويهوذا بن حلفي قائدا الجيوش
فمزق يوناتان ثيابه وحثا التراب على راسه وصلى
ثم عاد اليهم يقاتلهم فانهزموا وهربوا
و لما راى ذلك الذين هربوا من رجاله رجعوا وتعقبوا العدو معه الى قادش الى معسكرهم ونزلوا هناك
فسقط من الاجانب في ذلك اليوم ثلاثة الف رجل ورجع يوناتان الى اورشليم
الإصحاح الثاني عشر
و راى يوناتان ان له فرصة ملائمة فاختار رجالا وسيرهم الى رومية ليقروا الموالاة بينهم ويجددوها
و ارسل معهم الى اسبرطة واماكن اخرى كتبا في هذا المعنى
فانطلقوا الى رومية ودخلوا الشورى وقالوا انا مرسلون من قبل يوناتان الكاهن الاعظم وامة اليهود لنجدد ما بينكم وبينهم من الموالاة والمناصرة كما كان من قبل
فاعطوهم كتبا للعمال في الاقاليم حتى يبلغوهم ارض يهوذا بسلام
و هذه نسخة الكتب التي كتبها يوناتان الى اهل اسبرطة
من يوناتان الكاهن الاعظم وشيوخ الامة ومن الكهنة وسائر شعب اليهود الى اهل اسبرطة اخوتهم سلام
ان اريوس المالك فيكم كان قديما قد انفذ كتبا الى اونيا الكاهن الاعظم يشهد انكم اخوتنا على ما هو في نسختها
فتلقى اونيا الرسول باكرام واخذ الكتب المصرح فيها بالمناصرة والموالاة
فنحن وان لم تكن بنا حاجة الى ذلك بما لنا من التعزية في الاسفار المقدسة التي في ايدينا
قد اثرنا مراسلتكم لنجدد الاخاء والموالاة لئلا نعد من الاجانب عندكم اذ قد مضى على مكاتبتكم لنا زمان مديد
و انا في كل حين في الاعياد وسائر الايام المفروضة لا نزال نذكركم في الذبائح التي نقدمها وفي الصلوات كما ينبغي ويليقان يذكر الاخوة
و يسرنا ما انتم عليه من الاعتزاز
اما نحن فقد احاطت بنا مضايق كثيرة وحروب عديدة وقاتلنا الملوك الذين من حولنا
لكنا كرهنا ان نثقل عليكم وعلى سائر مناصرينا واوليائنا في تلك الحروب
فان لنا من السماء مددا يمدنا وقد تخلصنا من اعدائنا واذللناهم
و الان فقد اخترنا نومانيوس بن انطيوكس وانتيباتير بن ياسون وارسلناهما الى الرومانيين لنجدد ما كان بيننا قبلا من الموالاة والمناصرة
و امرناهما بان يقدما اليكم ويقرئاكم السلام ويسلما اليكم الكتب من قبلنا في تجديد اخائنا
و لكم جميل الصنع ان اجبتمونا الى ذلك
و هذه نسخة الكتب التي ارسلها الى اونيا
من اريوس ملك الاسبرطيين الى اونيا الكاهن الاعظم سلام
و بعد فقد وجد في بعض الكتب ان الاسبرطيين واليهود اخوة من نسل ابراهيم
و اذ قد علمنا ذلك فلكم جميل الصنع ان راسلتمونا فيما انتم عليه من السلام
و الان فان جوابنا اليكم ان مواشيكم واملاككم هي لنا وان ما لنا هو لكم هذا ما اوصينا بان تبلغوه
و بلغ يوناتان ان قواد ديمتريوس قد عادوا لمحاربته بجيش يزيد على جيشه الاول
فخرج من اورشليم ووافاهم في ارض حماة ولم يمهلهم ان يطاوا ارضه
ثم ارسل جواسيس الى محلتهم فرجعوا واخبروه انهم مزمعون ان يهجموا عليهم في الليل
فلما غربت الشمس امر يوناتان الذين معه بان يسهروا تحت السلاح الليل كله استعدادا للقتال وفرق الحرس حول المحلة
و سمع العدو بان يوناتان والذين معه متاهبون للقتال فداخل قلوبهم الرعب والرعدة فاضرموا النيران في محلتهم وهربوا
الا ان يوناتان والذين معه لم يعلموا بما كان الا عند الصبح لانهم كانوا يرون ضوء النيران
فتعقبهم يوناتان فلم يدركهم لانهم كانوا قد قطعوا نهر الوطارس
فارتد يوناتان الى العرب المسمين بالزبديين وضربهم وسلب غنائمهم
ثم ارتحل واتى دمشق وجال في البلاد كلها
و اما سمعان فخرج وبلغ الى اشقلون والحصون التي بالقرب منها ثم ارتد الى يافا واستحوذ عليها
لانه سمع انهم يريدون ان يسلموا الحصن الى احزاب ديمتريوس واقام هناك حرسا يحافظون على المدينة
ثم رجع يوناتان وجمع شيوخ الشعب واتمر معهم ان يبني حصونا في اليهودية
و يرفع اسوار اورشليم ويشيد حائطا عاليا بين القلعة والمدينة ليفصلها عن المدينة وتبقى على حدتها حتى لا يشتروا ويبيعوا
فاتفقوا على ان يبنوا المدينة وتقدم اليهم ان يبنوا سور الوادي شرقا ورمموا السور المسمى كافيناطا
و ابتنى سمعان حاديد في السهل وحصنها بالابواب والمزاليج
و حاول تريفون ان يملك على اسية ويلبس التاج ويلقي يده على انطيوكس الملك
لكنه خشي من يوناتان ان يمنعه ويحاربه فطلب سبيلا لان يقبض على يوناتان ويهلكه فسار واتى الى بيت شان
فخرج يوناتان لملتقاه في اربعين الف رجل منتخبين للقتال واتى الى بيت شان
فلما راى تريقون ان يوناتان قد اقبل في جيش كثيف لم يجسر ان يمد يده اليه
فتلقاه باكرام واوصى به جميع اصحابه واهدى اليه هدايا وامر جيوشه بان يطيعوه طاعتهم لنفسه
و قال ليوناتان لم ثقلت على هؤلاء الشعب كلهم وليس بيننا حرب
اطلقهم الى بيوتهم وانتخب لك نفرا قليلا يكونون معك وهلم معي الى بطلمايس فاسلمها اليك هي وسائر الحصون ومن بقي من الجيوش وجميع المقلدين على الامور ثم انصرف راجعا فاني لهذا جئت
فصدقه وفعل كما قال واطلق الجيوش فانصرفوا الى ارض يهوذا
و استبقى لنفسه ثلاثة الاف رجل ترك الفين منهم في الجليل وصحبه الف
فلما دخل يوناتان بطلمايس اغلق اهل بطلمايس الابواب وقبضوا عليه وقتلوا جميع الذين دخلوا معه بالسيف
و ارسل تريفون جيشا وفرسانا الى الجليل والصحراء الواسعة لاهلاك جميع رجال يوناتان
لكنهم لما علموا ان يوناتان والذين معه قد قبض عليهم وهلكوا شجعوا انفسهم وتقدموا وهم متضامون متاهبون للقتال
و اذ راى طالبوهم انهم مستبسلون رجعوا عنهم
فوفدوا جميعهم بالسلام الى ارض يهوذا وناحوا على يوناتان والذين معه واشتد خوفهم وكانت عند جميع اسرائيل مناحة عظيمة
و طلب كل الامم الذين حولهم ان يدمروهم لانهم قالوا
انهم لا رئيس لهم ولا ناصر فلنقاتلهم ولنمح ذكرهم من البشر