في رسالة بعثها القديس إمبروسيوس أسقف ميلان إلى أخته مارسيلينا وصف لنا الظروف التي عاشها حين اكتشف جسديْ هذين الشهيدين بروتاسيوس وجرفاسيوس Gervase في ميلان. قيل أنهما أخان توأمان، ابني الشهيدين فيتاليس Vitalis وفاليريا Valeria، استشهدا ربما في عهد نيرون بعد استشهاد والديهما بعشرة سنين.
استشهادهما:
إذ ورث الأخان أموالاً كثيرة صارا ينفقان بسخاء على المسيحيين المضطهدين، ثم اختليا في بيتهما يمارسان الحياة التعبدية الملائكية بأصوام وصلوات دائمة، في جو هادئ، كأنهما كانا ينتظران يوم استشهادهما.
اجتاز القائد أنسطاسي مدينة ميلان يطلب من الكهنة تقديم ذبائح للآلهة حتى يهبوه الغلبة على الأعداء، فأجابوه إنه يستحيل على الآلهة أن ترضى عنه مادام في المدينة هذان المسيحيان جرفاسيوس وبروتاسيوس يرفضان تقديم العبادة للآلهة. التقى انسطاسي بهما فوجدهما ذا هيبة واتزان ووقار، وكانا طويلين في قامتهما، فسألهما أن يرافقاه إلى المعبد ليشتركا معه في العبادة حتى ينال النصرة، فأجاباه بالنفي، معلنين إيمانهما بالسيد المسيح واهب النصرة الحقيقية.
بناء على طلب كهنة الأوثان أمر الوالي بضرب بروتاسيوس بقسوة ووحشية حتى سقط القديس ميتًا تحت الجلدات ليستريح أبديًا في الرب.
التفت أنسطاسي إلى أخيه جرفاسيوس وحاول أن يغريه بوعود كثيرة وإذ رفض صار يهدده. لم يبالِ القديس بهذه التهديدات معلنًا أن الموت بالنسبة له هو طريق التمتع بالحياة إلى الأبد. عندئذ أمر الوالي الجلاّد بقطع رأسه، وطرح جثتي الأخين خارج المدينة لتأكلهما وحوش البرية. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). وفي الليل خرج أحد المؤمنين يدعى فيلبس ونقل الجسدين إلى بيته ووضعهما في مقبرة رخام بعد أن سجل قصة استشهادهما ووضعهما مع الجسدين.
قصة اكتشاف الجسدين:
بقي الجسدين في القبر أكثر من 300 عامًا حتى اكتشفهما القديس إمبروسيوس كما روى بنفسه، إذ قال أنه أتم بناء البازليكا بميلان، وكان يستعد لتدشينها، وكان يبحث عن رفات قديسين يزين بها الكنيسة روحيًا كطلب الشعب.
إذ كان يفكر في الأمر، بعد صوم الأربعين، رأى في رقاده شابين يرتديان ثيابًا بيض بشكلٍ عجيبٍ وبهيٍ، كانا كمن يصليان، وإذ تنبه للأمر اختفت الرؤيا. لم يدرك القديس شيئًا من الرؤيا فضاعف صومه وصلواته، وإذ به في الليلة الثالثة يرى الشابين أمامه ومعهما شخص ثالث ظنه الرسول بولس، وكانا الشابان صامتين. أخبره الشخص الثالث عن الشابين انهما الشهيدان بروتاسيوس وجرفاسيوس، وأعلن له عن الموضع الذي فيه رفاتهما. استدعى القديس إمبروسيوس بعض الأساقفة المحيطين بميلان حيث ذهب الكل إلى موضع وحفروا 24 شبرًا في الأرض فوجدوا الرفات المقدسة ومعها السيرة. وقد تمجد الله في ذلك اليوم إذ شُفى كثيرون من المرضى وتحرر كثيرون من الأرواح الشريرة.
من بين أعمال الله الفائقة خلال هذه الرفات تفتيح عيني أعمى كان معروفًا لكل أهل المدينة، وقد كان القديس أغسطينوس والكاهن بولينوس مساعد القديس إمبروسيوس حاضرين، وسجلا ذلك في كتاباتهما.
يعّيد الغرب بنقل جسديهما في 19 من شهر يونيو.