تحدثنا قبلاً عن القديس أمون أسقف هرموبوليس ماجنا (الأشمونين)، وهو غالبًا غير الراهب أمون الذي ذكره القديس جيروم في كتابه "تاريخ الرهبان: 9"، وإن كان يحمل ذات الاسم في نفس المنطقة، وربما كان معاصرًا له. القديس جيروم والثعبان في عرض القديس جيروم لتاريخ القديس أبوللو الذي بديره بالأشمونين، قال بأنه إذ باركه الطوباوي أبوللو هو ورفيقه، انطلق الثلاثة ومعهم بعض الإخوة تاركين الدير. في الطريق رأوا آثار ثعبان ضخم على الرمل فخاف الثلاثة، لكن شجعهم الإخوة، قائلين: "لا تخافوا، تعالوا انظروا فإننا بالإيمان نقتله، فقد قتلنا بأيدينا حيات سامة وثعابين وتحقق المكتوب: "قد أعطيتكم السلطان أن تدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو 10: 19). طلب الإخوة منهم أن يأتوا وينظروا قتله، غير أن القديس جيروم طلب منهم أن يعفوهم من هذا إذ كان خائفًا، لكن واحدًا من الإخوة ترك الجماعة واقتفى أثر الثعبان حتى بلغ جحره، ثم سألهم أن يذهبوا ويروا، وإذ شجعهم الإخوة ذهب الكل لكن جيروم وزملائه كانوا خائفين، فصار الأخ الذي ذهب وراء أثر الثعبان يلومهم على قلة إيمانهم، ثم أخذهم إلى دير قريب ليروي لهم قصة القديس آمون الذي كان مقيمًا في هذا الدير (بمنطقة الأشمونين)، والذي كان سببًا في قبول هذا الأخ الإيمان. أمون واللصوص اعتاد بعض اللصوص أن يقتحموا قلايته باستمرار ويسرقوا رداءه وطعامه، أما هو فلم يكن يبالي بما يسرق منه، لكن إذ تكرر الأمر ترك موضعه وانطلق إلى الصحراء حتى لا يزعجه هذا الأمر. أحضر ثعبانيين وطلب منهما حراسة باب مسكنه، وإذ جاء اللصوص كالعادة فجأة ظهر الثعبانان فاضطربوا وولوا هاربين، لكنهم من الخوف سقطوا على وجوههم. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). التقى بهم الطوباوي أمون، وفي محبة حازمة قال لهم: "انظروا كيف صرتم أشر من الثعابين، فإن هذه المخلوقات تطيع أوامرنا من أجل الله، أما أنتم فلا تخافون الله ولا توقرون عبيده". في محبة اقتادهم إلى مسكنه، وقدم لهم طعامًا ووعظهم، طالبًا منهم أن يقدموا توبة ويتركوا هذا المسلك، للحال تابوا والتصقوا به، وصاروا رهبانًا في الدير، وقد فاقوا الكثيرين في أعمالهم الروحية، حتى صاروا قادرين على عمل المعجزات. أمون والثعبان مرة أخرى، جاء أهل القرية إلى الطوباوي أمون يشكون إليه من ثعبان يفتك بأغنامهم ومواشيهم، طالبين منه أن يقتله، أما هو فصرفهم، وجاء في الصباح إلى الموضع الذي اعتاد الثعبان أن يظهر فيه. ركع الطوباوي وصار يصلي، وإذا بالثعبان يعبر به ويحاول القفز على الطوباوي، وهو يهس ثلاث مرات ليقتله. بجرأة قال له الطوباوي: "المسيح ابن الله الذي قتل الحية العظيمة يحطمك أنت أيضًا"، وللحال سقط ميتًا وانشقت بطنه. إذ كان صبي يرعى الغنم رأى الثعبان فاضطرب وسقط على الأرض فاقدًا النطق من الخوف، فأخذه أقربائه إلى الطوباوي الذي صلى عليه ودهنه بزيت فشفى الصبي (من المرض النفسي) وروى ما حدث له.