كان ابن ملك إحدى جزائر رومية ولم يكن له ولد سواه فربًّاه أحسن تربية وهذًّبه بالآداب المسيحية. ولما بلغ من العمر اثنتي عشرة سنة قرأ رسائل بولس فوجد في رسالته إلى العبرانيين مكتوبًا هكذا: "أنت يارب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك، هي تبيد ولكن أنت تبقى وكلها كثوب تبلى، وكرداء تطويها فتتغير ولكن أنت أنت وسنوك لن تفنى" (عب1: 1-32). وقرأ في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: "حسن للرجل أن لا يمس امرأة، ولكن لسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته وليكن لكل واحدة رجلها، لأني أريد أن يكون جميع الناس كما أنا، وأظن أنا أيضًا عندي روح الله" (1كو7: 1 و2 و7 و40). وقرأ أيضًا في الإنجيل المقدس قول سيدنا: "إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبِع أملاكك وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعالَ اتبعني" (مت19: 21). (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء).
فترك بيت أبيه وكل ماله وخرج متنكرًا وصار يتنقل من دير إلى دير إلى أن وصل إلى الإسكندرية، ومنها مضى إلى دير الزجاج. فلما رآه القديس بقطر رئيس الدير علم من النعمة التي فيه أنه من أولاد الملوك، فتلقاه ببشاشة وباركه ثم استخبره عن أمره فأعلمه به، فتعجب الأب ومجَّد الله وقَبِله في الدير، ولما رأى نجاحه في الفضيلة ألبسه الإسكيم المقدس.
وبعد عشر سنين من ذلك أتى جند من قِبَل أبيه وأخذوه رغمًا عن رئيس الدير. فلما وصل إلى أبيه لم يعرفه لأن النسك كان قد غيَّره، فعرَّفه القديس بنفسه ففرح كثيرًا بلقائه، وشرع القديس في وعظ أبيه مبينًا له حالة الموت والحياة وهول الدينونة وغير ذلك حتى أثَّر كلامه في قلب والده. فنزع التاج عن رأسه تاركًا الملك لأخيه وذهب هو وامرأته والقديس ثاؤفيلس ابنهما إلى دير الزجاج حيث ترهب وأقام مع ولده، أما والدة القديس فقد ترهبت بدير الراهبات.
وقد عاش الجميع بالنسك والعبادة وعمل الفضائل إلى آخر أيامهم. ولما أكملوا جهادهم الصالح تنيحوا بسلام.
العيد يوم 13 طوبة.