اهتمامه بخلاص نفسه:
كان القديس خرستوذولس صائغًا من مدينة عين شمس، عاش أمينًا في عمله، تقيًا مهتمًا بخلاص نفسه. أراد عدو الخير أن يحطمه فأرسل إليه امرأة حسنة الصورة جدًا، تحمل إناء من الذهب مكسورًا. تقدمت إليه كصائغٍ تطلب منه أن يصنع لها بعض الحليّ من هذا الإناء الذهبي، وبخداع صارت تكشف له عن يديها كي يصنع لها سوارين، وعن أذنيها ليصنع لها قرطًا، وعن الصدر ليصنع له صليبًا. شعر هذا التقي أنها جاءت بهدفٍ شريرٍ فطلب منها أن تأتيه في اليوم التالي لأنه مريض.
انطلق هذا الشاب الوحيد إلى بيته بعد أن حمل كل ما لديه من ذهب، ثم صار يعاتب نفسه قائلاً: "يا نفسي لستِ أقوى من القديسين الذين هربوا من العالم وسكنوا البراري، مثل القديسين مقاريوس وأنطونيوس وباخوميوس وغيرهم، فاهربي من هذا العالم إن أردتِ الخلاص".
رهبنته هو ووالدته:
صلى بدموعٍ طالبًا مشورة الله، ثم قصَّ ما جرى له على والدته وسألها بدموع غزيرة أن تسمح له أن يمضي إلى البرية.
لم تقف والدته حائلاً في طريق خلاصه، إنما التهب قلبها هي أيضًا بالشوق لتكريس بقية حياتها لحساب ملكوت الله، فسألت ابنها أن يرشدها إلى دير تترهب فيه ليكون حرًا، ويكون الرب معه.
فرح الابن باشتياق والدته، وللحال أخذها إلى أحد أديرة الراهبات وسلمها لرئيسته، وقدم لها حاجتها من المال، ثم وزع ما تبقى على المساكين ومضى نحو الجبل.
في البرية:
سار في الجبل نحو ثلاثة أيام حتى التقى بثلاثة رجالٍ، وكان بيد كل واحدٍ منهم صليب يشع منه نور أبهى من نور الشمس. فقصدهم وتبارك منهم وسألهم أن يرشدوه إلى ما فيه خلاص نفسه. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). فأرشدوه إلى وادٍ به أشجار مثمرة وعين ماء عذب. فلبث به عدة سنوات يسلك في حياة نسكية تقوية، يقتات من ثمر أشجار هذا الوادي ويقضي أغلب وقته في الصلوات والتسابيح بالمزامير، وهو متكئ على عصا بها صليب قدمها له هؤلاء الرجال.
جهاده ضد عدو الخير:
لما عجز الشيطان عن التغلب عليه، ظهر لقومٍ أشرارٍ في زي بربري وقال لهم: "إن هناك كنزًا عظيمًا في هذا الوادي وقد عثر عليه شخص وهو مقيم بجواره، هلموا معي لأريكم إياه". فتبعوه إلى الجبل ولكنهم لم يستطيعوا النزول إلى الوادي. فذهب الشيطان في زي راهبٍ شيخٍ إلى القديس خرستوذولس وقال له: "في أعلى الجبل رهبان ضلوا الطريق وقد أعياهم التعب وكاد يقتلهم العطش، هلم إليهم لننزلهم إلى هنا ليأكلوا ويشربوا ويحيوا". فرسم القديس علامة الصليب على وجهه كعادة الرهبان، وللحال تحول الشيطان إلى دخان واختفى، وهكذا كان دائمًا يتغلب عليه بعلامة الصليب.
نياحته:
كان دائم الجهاد بلا انقطاع حتى بلغ سن الشيخوخة. ولما دنا وقت انتقاله من هذا العالم أقبل إليه الثلاثة السواح الذين سبقوا فظهروا له وأرشدوه إلى الوادي. صلى الجميع معًا وبعد أن تباركوا من بعضهم البعض. وقالوا له: "الرب أرسلنا إليك لتخبرنا بسيرتك لنسطرها لمنفعة الاخوة". فأخبرهم بكل ما حدث له، ثم مرض قليلاً وتنيح بسلام. فصلوا عليه وواروا جسده التراب.
العيد يوم 14 كيهك.